لقد عاش بابا طاهر قبل عمر الخيام حيث ولد في سنة 935 م في همدان (اكباتانا) وتوفي في 1010 م
حسين شاويش
يمكن القول بأن بابا طاهر هو اول واكبر اديب كردستاني ظهر وأثر في الساحة الادبية والتصوفية الزهدية بعد الحملة الاسلامية وخصوصا بعد ظهور الخلافة العباسية في بغداد وهو بالاساس عالم ديني لطريقة مذهب " اهل الحق" المنتشرة في منطقة لورستان في تلك الحقبة . وقد مزج بابا طاهر في اشعاره فيما بين الادب الايراني الملحمي القديم والنزعة الفلسفية الزهدية الشيعية في الاسلام وصبغها بلون كردستاني براق وقد كتب اشعاره باللهجة اللورية من اللغة الكردية .
المواضيع الاساسية في ادبه هي العشق الالهي – الافلاطوني والحياة الزهدية (المستيكية) للمتصوفين . ويقول في احدى اشعاره مايلي:
"ku ji xeynî eşqa te tiştek di dil da hebe
Du nava heftê û du miletan de kafir im
Di hedefa vê dinyaya fanî de
Wek tîreke şikestî û bê per im"
يعني
" لو كان هناك في قلبي شيئا غير عشقك
انا كافر بين اثنا وسبعون قوما
انا في هدف هذا العالم الفاني
مثل سهم مكسور وبدون اجنحة"
لقد عاش بابا طاهر قبل عمر الخيام حيث ولد في سنة 935 م في همدان (اكباتانا) وتوفي في 1010 م، وكما كتب الطراز الرباعي في الشعر قبل الشاعر الايراني الخالد عمر الخيام . ومن هذا المنطلق يمكن القول بان بابا طاهر هو اول شاعر اعتمد على الطراز الرباعي في كتابة الشعب بعد الحملات الاسلامية (الفتوحات).
بعد بابا طاهر انتشر طراز الشعر الرباعي في جغرافية ايران وقلده في هذا الاسلوب كثير من الشعراء الفرس . ولذا يعتبر البعض بابا طاهر ليس فقط شاعرا كردستانيا بل بنفس الوقت يعدونه من احد اركان الادب الايراني الفارسي ايضا . وكما يمكن فهم بعض الشيء عن نظرته الفلسفية والادبية في السطور التالية:
"te hezar dil bi talan kiriye
Te hezar ceger xwîn kiriye
Te hezar car dax daye û ji vê zêdetir
Hê nayê jimartin, te hê zêdetir kirye"
"ku dil dilber be, lê bi xwe dilber kiye
Eger dilber dil be, navê dil çiye
Ez dil û dilber tevlî hev dibînim...
Nizanim ku dil kiye û dilber kiye"
يعني:
" لقد دمرّت ألف قلب
لقد دميت ألف كبد
كويتها ألف مرة واكثر من هذا
لا يعد ولا يحصى ، لقد فعلت اكثرر "
"اذا القلب هو نفسه المعشوق ، فمن هو المعشوق
واذا كان المعشوق هو نفسه القلب ، فما هو اسم القلب
انا ارى القلب والمعشوق مختلطين
لا اعرف من هو القلب ومن هو المعشوق"
نستنتج من هذه الابيات بان بابا طاهر كان يبحث عن حقيقة العشق في اعماق قلبه ويرى نفسه منسجما وموحدا معها ، حتى لا يستطيع الفصل بين نفسه هو والعشق الافلاطوني – الالهي الذي يبحث عنه. هذه الوحدانية بين العاشق والمعشوق هي نفسها الوحدة التي تعلن عنها فلسفة الزهد (وحدة الوجود – وحدة الطبيعة والانسان والاله) التصوفية .
كما انتفض باباطاهر ضد النظام الاجتماعي القائم الغير عادل في اشعاره بشكل وجداني وانحاز الى جانب الفقراء والمساكين كما هو واضح في الابيات التالية:
"ku destê min bighêje çerxa felekê
Ez dê bêjim...
Pir şerme ev karê te
Tu sed nifş nimet didî hinan
Hinek jî nanê ceh
Bi dest naxînin"
يعني ما يلي :
" لو وصل يدي الى نظام العالم
سوف اقول:
عيب كبير عملك هذا
تعطي الف نعمة للبعض
والبعض الاخر لا يحصلون حتى خبز الشعير"
ان بابا طاهر يقصد بـ" نظام العالم" ذلك النظام الاجتماعي الظالم والسائد في كل العالم . وهو ينتفض ضدها ويعارضها من خلال انتقادها وفضحها ومطالبتها بدفع الحساب على مظالمها . وكما يوضح موقعه وموقفه الى جانب المستضعفين والكادحين الذي ن يأكلون خبز الشعيرر.
اذا يمكن ان نقول في الختام بأن بابا طاهر قد خرج من نطاق الحدود الادبية الضيقة بل وصل الى عاطفة وذهنية انسانية – كونية ووجدانية في ادبه. وكما يمكن القول بأنه من الادباء الكرد الاصائل الذين ليس هناك جدال حول مولدهم ووفاتهم.
0 كۆمێنت:
إرسال تعليق