25‏/02‏/2012

العراق: الاحتجاج والديموقراطية وحكم الفرد

من اصدارات معهد كارنيغي للسلام الدولي تعليق على أحداث، مارينا أوتاوي ودانيال القيسي
على الرغم من نظامه الديموقراطي الذي ثبّته الأميركيون وحظي بالكثير من الدعاية، أثبت العراق أنه ليس أقل عرضة إلى احتجاجات الشارع من البلدان الأخرى في المنطقة. ومنذ أوائل شباط/فبراير، ظهر إلى العيان سيل مستمر من الاحتجاجات المتواضعة نسبياً. وعلى الرغم من أنه من المفترض أن يكون المواطنون في النظام السياسي الديموقراطي قادرين على ممارسة الضغط على الحكومة ومحاسبتها من خلال الاعتماد على القنوات المؤسسية، يبدو أن العراقيين قد خلصوا إلى أنه لن يتم الإصغاء إليهم - على غرار الشعوب في البلدان السلطوية - ما لم ينزلوا إلى الشوارع بأعداد غفيرة. لم يكن من المستغرب أن يصل العراقيون إلى مثل هذا الاستنتاج، لأن العراق، على مدى أكثر من سنة كاملة، أُرهق بفعل الحياة السياسية الصرفة الخالية من السياسة: معركة شرسة على الأصوات الانتخابية، بل والأكثر صفاقة، تسعة أشهر من المماحكات من قبل السياسيين حول من يشكّل الحكومة ومن يحصل على ماذا، مع قليل من الاعتبار لمشاكل البلد أو احتياجات مواطنيه. حتى أن الحكومة التي شُكّلت في كانون الأول/ديسمبر لاتزال تركّز على الحياة السياسية من دون سياسات؛ والشاهد هو الكمّ الكبير من التشريعات التي تراكمت في البرلمان من دون أن يتمّ إقرارها. ولّدت الاحتجاجات إلى الآن الكثير من الأقوال لكن من دون أي إجراءات تصحيحية كبيرة من جانب الحكومة. ومع ذلك، فقد كانت التداعيات السياسية كبيرة. لقد أضعفت المظاهرات الائتلاف الحاكم الهش أكثر، حيث تسعى الأطراف إلى إلقاء اللوم على بعضها بعضاً، ويعيد كل السياسيين الآخرين النظر في علاقتهم مع رئيس الوزراء نوري المالكي. وبالإضافة إلى ذلك، أدت المظاهرات إلى استقالة عدد من المحافظين وإلى توترات جديدة بين الحكومة المركزية ومجالس المحافظات. وفي حين لايبدو حتى الآن أن حكومة المالكي مهددة على نحو خطير،إلا أنها تعرضت إلى الاهتزاز. في الفترة نفسها، اندلعت الاحتجاجات في كردستان أيضاً، على الرغم من أنها اقتصرت على السليمانية إلى حد كبير. وفي حين أن جميع المتظاهرين في العراق يشتركون في بعض المخاوف المتشابهة، خصوصاً في شأن الصعوبات الاقتصادية وفساد الحكومة، فإن الاحتجاجات في شطري البلاد اتّبعت مسارات مختلفة وولّدت استجابات حكومية مختلفة. وبالفعل، فإن الاحتجاجات تسلّط الضوء على المدى الذي تؤدي فيه كردستان وبقية العراق دورهما بشكل منفصل عن بعضهما البعض. المتظاهرون في كل جزء من البلاد نظّموا أنفسهم بصورة مستقلة، وليس هناك تأثير امتداد ملحوظ من جزء إلى آخر. المالكي يلجأ إلى سياسة العصا والجزرة اندلعت الاحتجاجات في العراق يوم 4 شباط/فبراير واستمرت في الأيام التالية بمظاهرات صغيرة في بغداد والموصل والبصرة والرمادي والديوانية. أعرب المتظاهرون عن الاستياء من فشل الحكومة في تحسين الخدمات – كان نقص إمدادات الكهرباء هو الشكوى الرئيسة - وتقليص الحصص الغذائية بحكم الأمر الواقع (بسبب عدم توافرها) التي كانت الحكومة توزعها منذ ما قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة. وكان رد الحكومة سريعاً بدرجة ملحوظة، وأظهرت أنها كانت على علم - بعد أسابيع من الاحتجاجات في أماكن أخرى - بأن حوادث صغيرة يمكن أن تكبر بسرعة لتتحول إلى اضطرابات وأن المطالب الاقتصادية لها انعكاسات سياسية. أولاً جاءت الوعود الاقتصادية. أعلنت اللجنة المالية في البرلمان أن الحكومة ستوفر 288.000 وظيفة بعد الموافقة على الميزانية – وهو ما أكده المالكي رسمياً بعد أسابيع عدة - وأعلن المالكي أن الحكومة سوف تعطي مبلغ 15000 دينار (حوالي 12 دولار) شهرياً لكل مواطن لتعويض الانخفاض في الحصص الغذائية. وتعهّد بأن تحل مشكلة نقص الكهرباء بحلول فصل الشتاء. ثم جاءت الخطوات السياسية، التي كانت متواضعة من حيث الجوهر ولكنها كشفت مخاوف الحكومة. ففي سياق بادرة شعبوية، أعلن المالكي على الفور أنه سيخفض مرتبه - يعتقد أنه أكثر من 41 مليون دينار (حوالي 350.000 دولار أميركي) في السنة – إلى النصف، ما يشكل ضغطاً على المسؤولين الآخرين لأن يحذوا حذوه. في 5 شباط/فبراير، أعلن المالكي أنه لن يترشح لولاية ثالثة - وهو وعد غريب، لأن رئيس الوزراء لا "يترشح" للمنصب - وأنه سيسعى لتعديل دستوري يفرض حداً أقصاه دورتان اثنتان لشغل المنصب. وأظهرت الوعود التي كانت تهدف إلى تهدئة المخاوف أن المالكي يعتزم أن يصبح رئيساً للوزراء مدى الحياة، وأنه يرى نفسه رئيساً يتمتع بتفويض شعبي أكثر منه رئيساً للوزراء مسؤولاً أمام البرلمان. سارع المالكي ومسؤولون حكوميون آخرون أيضاً، بمن فيهم أسامة النجيفي رئيس البرلمان، إلى طمأنة الجمهور بأنه ليس من الضروري تصعيد الاحتجاجات لأن الحكومة تستجيب لمطالبه. مع استمرار الاحتجاجات في الأيام التالية، قدم المسؤولون الحكوميون المزيد من التنازلات، وبدا في بعض الأحيان أنهم يتنافسون مع بعضهم بعضاً لإثبات أنهم يعتبرون مطالب الجمهور مبرّرة وسيبذلون قصارى جهدهم لتنفيذ الإصلاحات المناسبة. تعهد رئيس البرلمان أسامة النجيفي بأن يتأكد البرلمان من أن تتم معالجة نقص الكهرباء وتوفير إمدادات الغذاء اللازمة لخدمة البطاقات التموينية. وحضّ المالكي الوزراء والمحافظين على الاختلاط مع المحتجين والاستماع إلى مطالبهم وشكاواهم. بيد أن الحكومة استخدمت القوة أيضاً لإنهاء الاحتجاجات. عندما أضرم متظاهرون في محافظة واسط النار في منزل المحافظ وجزء من مبنى المحافظة - بعد انتظار استمر ساعات كي يفتح أحد المسؤولين لهم الباب ويستمع إلى مطالبهم على حد زعمهم - قيل إن مسؤولي الأمن ردوا بإطلاق الرصاص الحي، ما أسفر عن مقتل ما لايقل عن شخص واحد. دعا المالكي إلى إجراء تحقيق، ولكن المحافظ وصف المتظاهرين بالبلطجية وأن مطالبهم ليس لها ما يبررها. ندّدت قيادة عمليات بغداد بجميع الاحتجاجات بوصفها خطة بعثية تهدف إلى إحداث حالة من الفوضى، في حين اتّهم مجلس محافظة بغداد تنظيم القاعدة بالوقوف وراء المظاهرات. يوم 21 شباط/فبراير، أعلن المالكي نفسه أيضاً، مع مواصلته إغداق الوعود بمعالجة المظالم بسرعة، أن هناك احتجاجات كثيرة واتهم أطرافاً لم يسمّها بإثارة الاضطرابات لجني مكاسب غير محددة. في اليوم التالي، اتهم البعثيين بالوقوف وراء الاحتجاجات في واسط. وفي مكان آخر، أعلن أن ثمة أشخاصاً من ذوي "النوايا الشريرة" مصممون على تدمير العملية السياسية وإعادة حقبة الجماعات المسلحة والتدخل الأجنبي. وعندما دعا المتظاهرون إلى "يوم غضب" في 25 شباط/فبراير، ردّت قيادة عمليات بغداد، بفرض حظر التجول على حركة السيارات في الليلة التي سبقت بداية الاحتجاج، في محاولة منها للحدّ من عدد من المشاركين من خلال إرغامهم على المشي لمسافات طويلة . مع الدعوة ليوم غضب في 25 شباط/فبراير، اتخذت الاحتجاجات لهجة أكثر تسيّسا. لم تعد تأتي من مجموعات معزولة تطلب خدمات أفضل، ولكن من مواطنين غاضبين يتحدّون الحكومة. ونتيجة لذلك، بدأ الساسة بالمناورة كي يتجنبوا أن يصبحوا أهدافا. وأعلن المالكي أن من حق الناس أن يحتجوا، لكنه قال أيضاً إن هذا ليس هو الوقت المناسب للقيام بذلك. وحذر من متسللين يعتزمون خلق العنف وناشد العراقيين بعدم المشاركة. وأعلن الرئيس العراقي جلال الطالباني أنه يخوّل رئيس الوزراء الأمر ثم لزم الصمت. أعلنت وزارة الداخلية (التي لاتزال برئاسة المالكي بوصفه قائماً بأعمال الوزير) أنها تمتلك وثائق عديدة تبيّن أن القاعدة كانت تعتزم ارتكاب أعمال إرهابية تستهدف الاحتجاج. ورداً على ذلك، أعلنت ثماني مجموعات مسلحة - بما في ذلك بعض المشتبه في أن لها صلات بتنظيم القاعدة - أنها ستعلق جميع أنشطتها في 25 شباط/فبراير لإعطاء فرصة للمحتجين كي يتظاهروا سلمياً. وأصدر رؤساء مكاتب الأوقاف السنية والشيعية والمسيحية بياناً مشتركاً يناشد المتظاهرين منح الحكومة الوقت الكافي لإنجاز ميزانية العام 2011 التي تمت الموافقة عليها حديثاً، والتي قالوا إنها ستعالج العديد من المشاكل. في الوقت نفسه، دعمت بعض الهيئات الدينية الشيعية الاحتجاجات، بما في ذلك آية الله العظمى علي السيستاني، الذي كان قد أعلن من خلال المتحدث باسمه أن الاحتجاج حق ديموقراطي، حتى أن ممثلاً للسيستاني انضم في الواقع إلى المتظاهرين في بغداد. تبيّّن أن يوم الغضب كان مجرد حدث ضئيل نسبياً، مقارنة بالتأكيد مع ما كان يحدث في أماكن أخرى. وقعت مظاهرات في وقت واحد في العديد من المدن، ولكن على نطاق متواضع، وأشارت التقارير الواردة من معظم المدن بمشاركة مئات من الأشخاص فقط. وحتى في بغداد، خرج بضعة آلاف إلى الشوارع، على الأكثر. لكن الاحتجاجات كانت بالتأكيد أكثر غضباً وتسييساً من المظاهرات السابقة، وهكذا كان ردّ فعل الحكومة. في بغداد، حطّم المتظاهرون بعض الحواجز حول المنطقة الخضراء، وشرعوا بالدخول إليها، حيث ندّدوا بالاحتلال الأميركي والدولة البوليسية في بغداد. وفي نينوى، طالب المتظاهرون باستقالة مجلس المحافظة وإصلاح الحكومة المركزية، وعبّروا عن مطالبهم بطريقة درامية من خلال إشعال النار في مبنى مجلس المحافظة، وكان رئيس البرلمان أسامة النجيفي وشقيقه محافظ نينوى أثيل النجيفي، داخل المبنى. كما أضرم المحتجون النار في مبنى حكومي في الموصل. وفي حين كان يوم 25 شباط/فبراير بالكاد يوم غضب، فإن تأثيره السياسي كان لافتاً. أولاً، تسبّبت الاحتجاجات في موجة من الاستقالات، ليس في الحكومة المركزية ولكن من جانب المحافظين ومسؤولي الشرطة المحلية. ثانياً، هزّت الاحتجاجات الائتلاف الحاكم الهش بالفعل، ما أدى بالعديد من الأحزاب إلى وضع مسافة بينها وبين المالكي وإعادة النظر في خياراتها. ثالثاً، أثّرت المظاهرات على العلاقة بين الحكومة المركزية والمحافظات، حيث سعى المالكي وغيره من المسؤولين في المركز إلى تحويل مسؤولين في المحافظات إلى كبش فداء، فردّ هؤلاء بالمثل. المسؤولون المحاصرون يستقيلون النظام السياسي في العراق أقل مركزية من مثيلاته في معظم الدول العربية. ففي حين يوجد اتجاه واضح نحو زيادة المركزية في بغداد - مثلما هو حال احتكار السلطة في يد المالكي - فقد تم انتخاب مجالس المحافظات في العراق (يتم تعيين المحافظين). كما أن في العراق مجالس محلية، على الرغم من أنها تشكّلت قبل ستة أعوام في عملية غير ديموقراطية اختطلت فيها التعيينات المباشرة بالاستشارات، ولم يتم تجديدها منذ ذلك الحين. أثّرت اللامركزية النسبية للنظام في الاحتجاجات أيضاً. فالحشود التي نزلت إلى الشوارع لم تستهدف فقط القضايا ذات الاهتمام المشترك في جميع أنحاء البلاد - من نقص الكهرباء إلى الفساد – بل أيضاً مظالم محلية محددة أيضاً، تم التعبير عنها في كثير من الأحيان بوصفها مطالبات للمسؤولين المحليين كي يقدموا استقالاتهم. وبالفعل استقال الكثيرون وبسرعة مذهلة. أدى يوم الغضب في الحال إلى إستقالة محافظ البصرة شلتاغ عبود ومحافظ بابل سلمان الزركاني، وكلاهما عضوان في ائتلاف دولة القانون استهدفهما المتظاهرون على وجه التحديد. واستقال عدد من قادة الشرطة وبعض المسؤولين الإقليميين رفيعي المستوى في جميع أنحاء البلاد أيضاً. تحوّل العلاقات بين المركز والأطراف لم تكن الاستقالات سوى جزء من القصة. فقد أثارت الاحتجاجات أيضاً سلسلة من التغييرات - أو محاولات التغيير - في العلاقة بين المسؤولين الاتحاديين والإقليميين والمحليين، الذين سعوا جميعاً لإلقاء اللوم على بعضهم بعضاً بسبب المشاكل التي كان المتظاهرون يستنكرونها. سعى المالكي إلى إلقاء اللوم على مجالس المحافظات والمجالس المحلية. بعد وقت قصير من يوم الغضب، دعا المالكي إلى عقد انتخابات لمجالس المحافظات، وكذلك لتجديد المجالس المحلية. ولكن انتخابات مجالس المحافظات كانت أجريت في كانون الثاني/يناير 2009، وكان أعضاؤها - وهو الأمر غير المستغرب - موحّدين في رفض إجراء انتخابات مبكرة، معتبرين أن الوضع البائس في تقديم الخدمات لايرجع إلى الإهمال ولكن إلى تباطؤ الوزارات والحكومة المركزية . حاول المالكي أيضاً إرغام محافظي واسط ونينوى على الاستقالة. نجح في تحقيق ذلك في واسط، حيث أرغم مجلس المحافظة المحافظ لطيف حمد الطرفة (عضو في ائتلاف دولة القانون) على الاستقالة. كانت القضية هناك تتعلق بالفساد أساساً. وبالإضافة إلى اتهامه بأن سوء تعامله مع الاحتجاجات السابقة أدى إلى وقوع إصابات، فقد تمت بالفعل إحالة مزاعم الفساد ضد الطرفة إلى اللجنة المستقلة للنزاهة. ولكن المالكي لم ينجح في نينوى، حيث كان الوضع أكثر تعقيداً. فأولاً ، لم يكن المحافظ أثيل النجيفي، وهو شقيق رئيس البرلمان، ينتمي إلى ائتلاف دولة دولة القانون بزعامة المالكي. وبما أنه سني له قاعدة نفوذ قوية في محافظة هامة متاخمة لكردستان، فقد انضم إلى ائتلاف العراقية في الانتخابات وعارض محاولة المالكي الحصول على فترة ولاية ثانية كرئيس للوزراء. وليس من المستغرب إذاً أن النجيفي رفض الاستقالة، مشيراً إلى أنه لن يفعل ذلك إلا استجابة لمطلب شعبي أو إذا تم إقصاؤه من قبل مجلس المحافظة. ليس ثمة ما هو استثنائي في هذه الجولة من الاتهامات المتبادلة التي يمكن التنبؤ بها تماماً، ومع ذلك، لا أحد يريد تحمّل المسؤولية عن الفشل إذا كان بمقدوره إلقاء اللائمة على شخص آخر. ولكن في بيئة العراق، وحتى على نطاق أوسع بيئة العالم العربي، بنظمه السياسية شديدة المركزية، كان تبادل الاتهامات يشير إلى شيء استثنائي: درجة حقيقية من اللامركزية، حيث تمتلك حكومات المحافظات قواعد نفوذها الخاصة وبالتالي بعض الاستقلال. كان ثمة سياسة في كل من المركز والمحافظات. ومع ذلك، فإن ما كان أقل وضوحاً بكثير هو ما إذا كانت اللامركزية تحقق أيضاً ما يفترض أن تنتجه اللامركزية من الناحية النظرية، أي الحكم الذي يستجيب لمطالب المواطنين. فقد أظهر المحافظون ومجالس المحافظات بوضوح أنهم في الوقت الذي سوف يحمون سلطتهم واستقلاليتهم على نحو يتسم بالغيرة، فإنهم لم يظهروا التزاماً بالحكم الفعال. تمثل جزء من التحول في العلاقة بين المركز والأطراف في تجديد النقاش حول تشكيل أقاليم حكم ذاتي جديدة مثل كردستان. في أوائل آذار/مارس، وقع اثنا عشر من أعضاء مجلس محافظة النجف الـ 28 عريضة تطالب بتحويل النجف من محافظة إلى إقليم مشابه لكردستان. كانت العريضة ذات أهمية خاصة لأن الموقعين ينتمون إلى أحزاب مختلفة، بما في ذلك التيار الصدري، وائتلاف دولة القانون، والمجلس الأعلى الإسلامي في العراق، وحزب الإصلاح بزعامة رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري وكلها أحزاب شيعية بالفعل، لكن النجف محافظة أكثر سكانها من الشيعة. يقرّ الدستور العراقي بحق المحافظات، بشكل فردي أو كجزء من مجموعة، بالمطالبة بالاعتراف بها كأقاليم، ما يتيح لها التمتع بالاستقلال والحكم الذاتي الموجود الآن في كردستان فقط. فإذا ما طالب ما لا يقل عن ثلث أعضاء مجلس المحافظة بتشكيل إقليم جديد، يتعين على الحكومة النظر فيه. لم يتم تقديم مثل هذه العريضة إلى أن جاءت مبادرة النجف؛ حيث تم التخلي بسرعة عن مناقشة سابقة حول إمكانية إقامة إقليم كبير يضم تسع محافظات يغلب عليها الشيعة في جنوب ووسط البلاد. ادعى مؤيدو إقامة إقليم النجف أنهم يريدون أن يتم الاعتراف بالنجف كإقليم لانهم يعتقدون أن ذلك سيؤدي إلى تحويلات مالية أكبر من الحكومة المركزية إلى النجف. نظر المعترضون إلى المبادرة باعتبارها مناورة سياسية لتجنب الاستجابة لمطالبهم ورفضوا الفكرة بغضب. إعادة النظر في التحالفات ربما كان أهم أثر للاحتجاجات حتى الآن هو اهتزاز الائتلاف الحاكم في العراق. فقد تم تشكيل الحكومة في كانون الأول/ديسمبر 2010 بعد تسعة أشهر من الخلافات وبعد أن أجريت انتخابات 7 آذار/مارس البرلمانية، منذ البداية، على أساس تحالف كبير هش للأحزاب لم تجمعه إيديولوجية مشتركة أو برنامج حكم مشترك، بل جمعته النفعية والمصلحة. فلا المالكي ولا إياد علاوي زعيم قائمة العراقية تمكن من تشكيل ائتلاف يوفّر الأغلبية المطلوبة من مقاعد البرلمان مع استبعاد منافسه. الأحزاب الشيعية التي رفضت في البداية محاولة المالكي البقاء رئيساً للوزراء، خصوصاً المجلس الأعلى الإسلامي العراقي والتيار الصدري لم تكن قادرة على الالتفاف حول مرشح بديل. وبالتالي اضطرت جميع الأحزاب للعمل معاً، لكنها فعلت ذلك من دون قدر كبير من الحماسة أو الاقتناع. عندما بدأت الاحتجاجات، لم يكن تشكيل الحكومة قد اكتمل. شغل وزراء مؤقتون العديد من المناصب الوزارية لأن الأطراف لم تتمكن من الاتفاق على مرشح معين. والأهم من ذلك، كان المالكي يتولى شخصياً مناصب وزير الدفاع والداخلية والأمن الوطني بصورة مؤقتة، وبدا أنه ليس في عجلة من أمره للتخلي عن المناصب إلى وزراء معينين دائمين. وفي حين أشارت مصادر قريبة من رئيس الوزراء إلى أن التأخير كان بسبب عدم وجود توافق في الآراء بشأن مرشحي التحالفات المختلفة، كان المالكي أكثر صراحة، حيث صرح بأنه لا يرى تطوراً في التوافق في الآراء. لم يكن قد تم بعد تشكيل المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية العليا، وهي آلية وافق المالكي على إنشائها كوسيلة لإشراك علاوي المتردد في الحكومة، لأنه لم يكن ثمة اتفاق حول دوره. وجادل علاوي، الذي كان من المقرر أن يترأس المجلس، بأنه يتعين أن يكون المجلس هيئة تنفيذية قوية يمكنها الحد من سلطة رئيس الوزراء، لكن المالكي أصر على أن يكون مجرد مجلس استشاري. ونتيجة لذلك، بقي مشروع القانون الخاص بالمجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية العليا مهملاً في مجلس النواب. بمجرد بدء الاحتجاجات، أصبحت الأطراف المتنافسة في الائتلاف الحاكم مهتمة باتهام بعضها البعض بالتسبب في المشاكل أكثر من اهتمامها بالعمل معاً لإيجاد حل. ربما لم يكن معظم السياسيين العراقيين يرغبون في رؤية الحكومة وهي تسقط، لكن محاولاتهم لتحويل غضب الرأي العام عن حزبهم من خلال إلصاقه بحزب آخر أضعفت الحكومة. كان مقتدى الصدر أول شخصية هامة تنأى بنفسها عن الحكومة، حيث أعلن في 14 شباط/فبراير أن العراقيين لهم الحق في التظاهر للحصول على خدمات أفضل وضد الاحتلال. كان الصدريون في موقف صعب: فبعد أن اختاروا، على أمل أن يكتسبوا الشعبية، السيطرة على الوزارات التي تقدم الخدمات للجمهور، أصبحوا يخاطرون الآن بفقدان الدعم إذا ما تم توجيه اللوم إليهم بسبب سوء الأداء. الصدر الذي تعرض للانتقاد من جانب المالكي وغيره في ائتلاف دولة القانون على خلفية مهاجمة الحكومة التي كان جزءاً منها، لم يكف عن الهجوم. أعلن أن حزبه يعتزم إجراء استفتاء حول آراء الناس بشأن وضع الخدمات في البلاد، لكنه ناشد المحتجين أيضا بأن يعطوا الحكومة مهلة ستة أشهر لمعالجة شكاواهم. وقال الصدر إنه إذا لم تقم الحكومة بإنجاز ما هو مطلوب منها، فسوف يؤيد المحتجين تماماً. ليس من المستغرب أن نتائج الاستفتاء أشارت، عندما تم نشرها في منتصف آذار/مارس، إلى أن الغالبية العظمى من العراقيين الـ 3.8 مليون من جميع أنحاء البلاد الذين ذُكِر أنهم شاركوا، اتفقوا على أن الخدمات كانت في حالة سيئة، وأنهم سيدعمون الاحتجاجات إذا لم تتحسن الخدمات في غضون ستة أشهر. كما انتقد المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وزعيمه عمار الحكيم، على نحو أقل حدّة، طريقة تعامل الحكومة مع من الاحتجاجات وأعرب عن تأييده لمطالب المحتجين. بعد احتجاجات 25 شباط/فبراير، والحملة التي شنتها قوات الأمن في جميع أنحاء البلاد، حاول أعضاء آخرون في الائتلاف الوطني - تحالف الأحزاب الشيعية الذي نجح المالكي في تشكيله بصعوبة من خلال أشهر من الجهود - أن ينأوا بأنفسهم عنه من دون التسبب في انهياره بشكل كامل. وأعلن علاوي تخليه عن قيادة المجلس الإستراتيجي الذي لم يتم تشكيله بعد (منهياً تعاونه مع المالكي بالفعل) وسافر إلى النجف لمقابلة الصدر. وصرح المتحدث باسم القائمة العراقية أنها قد بدأت في التنسيق مع التيار الصدري. كما جرت عمليات انشقاق داخل ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي نفسه. استقالت صفية السهيل، وهي واحدة من عدد قليل من النساء في المنظمة، بعد وقت قصير من بدء الاحتجاجات، وأعلنت استقلالها. واستقال جعفر باقر الصدر، نجل الراحل آية الله العظمى محمد باقر الصدر، من مجلس النواب. وكان جعفر الصدر خاض الانتخابات البرلمانية كمستقل على لائحة ائتلاف دولة القانون وحصل على ثاني أكبر عدد من الأصوات في بغداد. وكان قد ترك البرلمان يوم 17 شباط/فبراير، مدعياً أن عدداً قليلاً من الأفراد يحتكرون عملية صنع القرار في ائتلاف دولة القانون، وأن البرلمان غير فعال بسبب الطائفية، وأنه لا البرلمان ولا الحكومة يمكنهما وضع سياسات أو لديهما رؤية للمستقبل. ومما زاد في مشاكل المالكي أن آية الله العظمى علي السيستاني دعم المحتجين علناً. فقد أرسل ممثلاً شخصياً له للمشاركة في يوم الغضب في 25 شباط/فبراير، وأشاد في وقت لاحق بالمشاركين لأنهم طالبوا بحقوقهم بصورة سلمية. كما دعا الزعيم الديني، الذي يحظى باحترام كبير، إلى إجراء إصلاحات ملموسة، محذراً من عواقب وخيمة إذا استمرت الحكومة في مسارها الحالي. في وقت كتابة هذا التقرير في منتصف آذار/مارس، كان لايزال من السابق لأوانه القول ما إذا كان من شأن الشقوق التي تظهر في الائتلاف الحاكم أن تتوسع إلى حد التسبب في انهياره. بالتأكيد، كانت التوترات تتزايد: فقد عاد إلى الظهور انعدام الثقة بالمالكي الذي أخر لأشهر عدة تشكيل التحالف الوطني؛ وكان علاوي يشعر بالاستياء، ونشأت فصائل في ائتلاف العراقية. ولكن لم يكن أي طرف واثقاً من أنه سيكون ممكناً تشكيل ائتلاف حاكم بديل اليوم أكثر مما كان عليه الحال في الماضي. كانت جميع الفصائل تختبر إلى أي مدى يمكن أن يدفع بعضها البعض من دون إحداث انهيار والتسبب في سقوط الحكومة. احتجاجات في كردستان كما هزّت الاحتجاجات كردستان، والتي أثارتها في البداية مجموعة من المظالم المحلية وما يسمى تأثير المظاهرات الناجم عن الأحداث في تونس ومصر. لكن الفصل بين كردستان وبقية البلاد واسع بحيث لم تكن هناك روابط بين المتظاهرين في المنطقتين. اتبع المتظاهرون في كردستان مسارهم الخاص حيث حل السخط الشعبي حول مشاكل الفساد وغيرها محل التنافس بين الأحزاب الكردية وأضعف المناشدة الوطنية من قبل القيادة التي كانت تحاول صرف الاحتجاج بعيداً عنها. منذ فترة طويلة يسيطر على كردستان حزبان سياسيان يمثلان عائلتين سياسيتين ومنطقتين فرعيتين مختلفتين. الحزب الأكبر هو الحزب الديموقراطي الكردستاني، الذي يرتبط بعائلة بارزاني. يسيطر الحزب على رئاسة حكومة إقليم كردستان ويتناوب مع منافسه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في تسمية رئيس الوزراء في حكومة إقليم كردستان. يرتبط الاتحاد الوطني الكردستاني بعائلة الطالباني، وهو الحزب المهيمن في السليمانية، كما يسيطر أيضاً على رئاسة العراق، وحالياً، على منصب رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان. منذ العام 2009، لايزال الاتحاد الوطني الكردستاني يفقد الدعم لصالح حزب جديد، غوران (الحركة من أجل التغيير)، الذي أسسه العضو السابق في الاتحاد الوطني الكردستاني نوشروان مصطفى. وقد أصبحت الاحتجاجات جزءاً من السياسة الحزبية في المناطق ومن التنافس بين الأحزاب السياسية الرئيسة. بدأت الاضطرابات في السليمانية يوم 17 شباط/فبراير. وصفت التظاهرة ظاهرياً على أنها إظهار للتضامن مع الشباب في تونس ومصر، ولكن سرعان ما بدأ المحتجون في السير إلى مقر الحزب الديموقراطي الكردستاني، داعين إلى الإصلاح، وقيل إنهم كانوا يرددون أن "الفاسد يجب ان يواجه العدالة". ومن غير الواضح من الذي بادر إلى ذلك، ولكن تم إلقاء اللائمة على غوران، الحزب الحديث، بسبب المظاهرات المناهضة للحزب الديموقراطي الكردستاني، على الرغم من أنه نفى القيام بأي دور. ورداً على الاحتجاجات، على الأرجح، تم إحراق مقر حزب غوران في أربيل، وكذلك مقر محطة تلفزيون KNN التي يملكها زعيم حزب غوران نوشروان مصطفى. وفي الوقت نفسه، تحركت وحدات من قوات البيشمركة، قوة دفاع كردستان، من أربيل إلى السليمانية لتفادي أي تصعيد محتمل. في اليوم التالي، نهبت مكاتب غوران في مدينة أخرى شمالية، هي دهوك. وتعرض بعض الصحفيين المتعاطفين مع المتظاهرين أو المرتبطين بشركة مصطفى الإعلامية، Wusha، إلى اعتداءات ومضايقات أيضاً. كما جرت احتجاجات على نطاق ضيق في مدن عدة أخرى ولكنها سرعان ما خمدت. حاول الحزب الديومقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في البداية التعامل مع الاحتجاجات باعتبارها قضية أمنية. وزعما، من دون تسمية أي منظمة، أنه تم التخطيط للاحتجاجات عمداً بهدف زعزعة استقرار كردستان. ولكن عندما بدأ المتظاهرون يطالبون باستقالة رئيس وزراء كردستان برهم صالح، عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، غيّر الحزبان تكتيكاتهما. أعلنت قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني أنها تؤيد إجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة موسعة، بمشاركة حزب غوران على الأرجح، مظهرة مقدار قلقها بشأن الاضطرابات. وشكل مسؤولو حكومة إقليم كردستان أيضاً لجنة خاصة لدراسة مطالب المتظاهرين والمعارضة من أجل معالجة المشاكل. ومع ذلك، لم تؤدّ الوعود إلى تهدئة المعارضة. وفي يوم 3 آذار/مارس، قاطع حزب غوران واثنان من أحزاب المعارضة الصغيرة جلسة للبرلمان الكردي. ولأنه كان واضحاً أنه يشعر بقلق، دعا رئيس كردستان مسعود البارزاني على الفور إلى إجراء حوار مع المعارضة لوضع برنامج للإصلاح. وفي الآونة الأخيرة، قال إنه سيستقيل من منصبه إذا فشل برنامج الإصلاح، على الرغم من أنه لم يقدم تعهده إلا بعد أن وقّعت تسعة أحزاب كردية، بما في ذلك الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الديموقراطي الكردستاني، وحزب غوران اتفاقاً بعدم تعبئة الشارع ضد بعضها بعضاً. دعا بارزاني أيضاً إلى إجراء انتخابات مبكرة، نافياً أنه ينوي البقاء رئيساً مدى الحياة. وأعرب رئيس الوزراء صالح، وهو عضو إصلاحي إلى حد ما من الاتحاد الوطني الكردستاني، بعد ذلك عن استعداده للتنحي إذا دعاه البرلمان للقيام بذلك، وربما كانت تلك لفتة فارغة لأن الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني يهيمنان على البرلمان، وليس من المرجح بالتالي أن يطالب باستقالته. واصل حزب غوران، مستفيداً من لحظة ضعف الأحزاب الكبرى، الضغط من أجل تغيير أسرع، ورفض وعود الرئيس بوصفها غير كافية، ودعا الحكومة إلى الاستقالة من دون انتظار انتخابات جديدة. لعبت القيادة الكردية أيضاً ورقة أخرى لإنهاء الأزمة السياسية. فقد سعت إلى توحيد كل الأكراد حول مسألة يتفقون عليها والمتمثلة بضم مدينة كركوك المتنازع عليها. يوم 27 شباط/فبراير، أمر بارزاني بنشر وحدتين من البيشمركة حول كركوك، مدعياً أن الإرهابيين تسللوا إلى المدينة لتنظيم احتجاجات، وأن نشر قوات البيشمركة ضروري لحماية السكان. وعلى الرغم من دعوات المالكي والعرب والتركمان المقيمين، وحتى الولايات المتحدة، رفضت حكومة إقليم كردستان سحب البيشمركة، لا بل إن رئيس وزراء حكومة الإقليم السابق نيشروان بارزاني هدد بنشر المزيد من القوات إذا لم يتحسن الوضع. وفي خطوة غير متوقعة تماماً شككت في ولائه للعراق ككل، أعلن الطالباني يوم 8 آذار/مارس أن كركوك هي "قدس كردستان"، ودعا إلى إقامة تحالف إستراتيجي كردي - تركماني ضد "الإرهابيين والمحتلين الجدد" لكركوك. من خلال خلق أزمة في كركوك، ربما نجح الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في إسكات المعارضة الكردية، وهي الأزمة التي لايمكن النظر إليها على أنها فاترة بشأن قضية كركوك. وقد نجحا أيضاً في إحياء مسألة تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، التي تدعو إلى إجراء استفتاء يقرّر فيه سكان كركوك ما إذا كانوا يرغبون في أن تصبح المدينة جزءاً من كردستان. وفي حين أن الأزمة مفيدة في المدى القصير للأحزاب الكردية المهيمنة في محاولتها إسكات المعارضة، فإنها قد تكلف العراق ككل، في المدى البعيد، ثمناً غالياً من خلال تجديد التوترات التي تهدد وحدة البلاد. حدثت التغييرات في تركيبة كركوك السياسية بالفعل، عندما أعلن المحافظ مصطفى عبدالرحمن ورزكار علي، رئيس مجلس محافظة كركوك، استقالتهما يوم 15 آذار/مارس لأسباب شخصية. في الواقع، كانت الاستقالتان نتيجة لاتفاق سياسي بين التحالف الكردستاني والجبهة التركمانية، التي من المحتمل أن تترأس الآن مجلس المحافظة. قد يكون هذا بداية تحالف إستراتيجي دعا إليه طالباني، وسوف يضع المزيد من الضغوط على المالكي لتنفيذ المادة 140. خلاصة لقد أدى نجاح الحركات الاحتجاجية في تونس ومصر إلى إسقاط رئيسين لا يحظيان بشعبية، وإطلاق عملية تحولات سياسية خلقت آمالاً بأن تمضي الدول العربية الأخرى على الطريق نفسه. وفي المقابل، عندما استخدمت حكومات اليمن وليبيا والبحرين القوة لقمع الانتفاضات وبسط سيطرتها، قفز العديد من المراقبين إلى استنتاج مفاده أن الربيع العربي قد انتهى. العراق وكردستان يشيران إلى استنتاج مختلف، بمعنى أن الاحتجاجات في كل بلد تتبع ديناميات مختلفة، يمليها الوضع السياسي المحدد في ذلك البلد. ما من شك في أن ثمة ظروفاً مماثلة في الدول العربية تحرّض على الاحتجاج، كما أن تأثير المظاهرات يشجع مواطني بلد على أن يحذو حذو مواطني بلد آخر. جميع الدول العربية تعاني من زيادة أعداد الشباب؛ كلها، بما في ذلك الأكثر ثراء، وارتفاع معدلات البطالة، لا سيما في صفوف الشباب. الأنظمة في كل مكان استبدادية وغير قادر على الاستجابة لمواطنيها، حتى تلك التي تحترم على الأقل بعضاً من أشكال الديموقراطية. ولكن حتى لو أشعلت عوامل مماثلة شرارة الاحتجاج، فإن ما يحدث بعد ذلك تحركه ظروف سياسية مختلفة. في العراق، كان الاحتجاج الشعبي محدوداً للغاية - على الرغم من استمراره - في جلب حشود إلى الشوارع نادراً ما تجاوزت بضع مئات من الأشخاص. وفي بلد ذي نظام استبدادي متجانس، ربما لم تكن مثل هذه الاحتجاجات لتهمّ. ربما كانت السلطات فرّقتها بسرعة، من دون عواقب سياسية. وحدها الاحتجاجات الأكبر حجماً كانت ستقنع الحكومة بتقديم تنازلات. لكن العراق فيه نظام سياسي مختلف. وفي حين أظهر المالكي نزعات استبدادية واضحة ومقلقة، إلا أنه لا يترأس نظاماً متجانساً. الائتلاف الحاكم منقسم، وبالتالي فهو ضعيف داخلياً. وعلاوة على ذلك، توجد مراكز منفصلة للسلطة على مستوى المحافظات. النظام غير ديموقراطي، ولكنه تعددي. ونتيجة لذلك، فإن الاحتجاجات التي كانت ستؤدي إلى تداعيات قليلة، إن وجدت، في النظم السياسية الأكثر تجانساً، هزّت الائتلاف الحاكم في العراق وأثّرت على العلاقة بين الحكومة المركزية والمحافظات. هذه النتيجة ليست إيجابية بالضرورة للمواطنين الذين يريدون من الحكومة معالجة مشاكلهم. كان للاحتجاجات، في الواقع، تأثير عكسي: إعادة إشعال المنافسة السياسية الخالية من المضمون المتعلق بالسياسة، ومن ثم إحجام السلطات عن معالجة مشاكل البلاد الملموسة. في كردستان، جرى خطف الاحتجاج الشعبي بسرعة، في ظل ظروف غير واضحة، من جانب الأحزاب السياسية. ولذلك أصبحت الاحتجاجات أداة حاولت الأحزاب الحاكمة في كردستان استخدامها ضد المعارضة. وعندما فشلت هذه المناورة تمكنت حكومة كردستان من سحق الاحتجاجات في موجة من القومية الكردية. وقد نجح ذلك في توحيد الأكراد لكنه قسّم العراق، مع خطر إشعال صراع خطير. لاتزال قصة الاحتجاج الشعبي تتكشف في كل من العراق وكردستان. ولن يكون من الحكمة التكهن بالنتيجة، ولكن يبدو من المعقول أن نخلص إلى أن الظروف السياسية في كلتا المنطقتين سوف تحول دون حدوث إما سيناريو تونس / مصر أو سيناريو اليمن / ليبيا / البحرين. في النهاية، سيتم تحديد النتائج عبر الديناميكيات السياسية في العراق وكردستان

24‏/02‏/2012

ادراج قانون الجرائم المعلوماتية على ورقة عمل اجتماع القادم لمنظمات المجتمع المدني في قضاء كلار


بعد ان اقترحناه اليوم الخميس المصادف 23/2/2012 في اجتماع الشبكة  المشتركة لمنظمات الامجتمع المدني ادراج قانون الجرائم المعلوماتية على ورقة عمل اجتماع القادم لمنظمات المجتمع المدني في قضاء كلار، لذا سأقوم بشرح عام وتوضيحي لفقرات القانون مع ترجمه فقرات منه الى الكوردية و سيساهم زميل لي مشكورا في شرح الامور التقنية حول نظام المراقبة وتقيد حرية المستخدم التى فرضتها الحكومة في بغداد وهولير على عمل شريكات التى توفر خدمة الانترنت .    

كردستان المساحة والسكان



الكورد في تركيا
- تخضع للسلطة التركية 23 محافظة كردية (ولاية) .
- تقدر مساحة كردستان في التركيا  225 ألف كم2
- يتراوح عدد الكورد المقيمين في كردستان تركيا 16 مليون إنسان عام 1990
- قد هاجر من الكورد حوالي مليون و 600 ألف إنسان إلى استنبول ونصف مليون إلى أنقرة .
ومازال هؤلاء المهاجرين يتكلمون بلغتهم الأم اللغة الكردية .
   
الكورد في إيران
- تبلغ نسبة أراضي كردستان الإيرانية 170 ألف كم2
- يبلغ عدد أبناء الشعب الكردي في هذا الجزء من كردستان بحوالي 6,5 مليون شخص عام 1990 .

الكورد في العراق
- تبلغ مساحتها 80 ألف كم2 ويعيش في هذا الجزء الكردي 5 ملايين كردي وهناك نصف مليون كردي في بغداد .
- يعيشون في 7 محافظات رئيسية هي (السليمانية – اربيل – دهوك – كركوك – ديالى – صلاح الدين – بغداد .  

الكورد في سوريا
 - يعيش في هذا الجزء حوالي مليون و400ألف إنسان كردي
- يتوزعون أساساً في الجزيرة وحلب ودمشق
وغيرها  من المحافظات الأخرى .
الكورد في لبنان
- يعيش في لبنان أكثر من 90 ألف إنسان كردي يناضلون إلى جانب القوى الوطنية اللبنانية .وخصوصا إلى جانبالحزب الاشتراكي التقدمي والحزب الشيوعي اللبناني .

الكورد في باكستان وأفغانستان
يعيش فيها أكثر من مليون ونصف كردي ويعيش قسم في أوربا وأمريكا حيث يصل عددهم إلى أكثر من نصف مليون نسمة .

الكورد في ألمانيا
يعيش في ألمانيا الاتحادية أكثر من 300 ألف كردي في عام 1990 .

دول الاتحاد السوفيتي سابقا
يعيش أكثر من مليون كردي كانوا يتمتعون ببعض من حقوقه الاجتماعية و الثقافية  .

نرى أن عددهم عام (1990) م يصل إلى (32)مليون نسمة يعيش(29) مليون نسمة في كردستان والباقي في جميع أنحاء العالم .

تاريخ الاكراد كما ورد في موسوعة المانية

الأكراد هم شعب بحد ذاته . يبلغ عدد نفوسهم حوالي 45 إلى 50 مليون نسمة . وعدد الأكراد الذين يعيشون في تركيا يتراوح ما بين 20 إلى 23 مليون نسمة . ويعيش منهم 13ملايين نسمة في إيران و 10 ملايين في العراق و 4.5 مليون في سوريا و 1.7 مليون نسمة أوروبا الغربية و 1,2 مليون نسمة في دول الإتحاد السوفييتي السابق . كما يعيش عدد قليل من الأكراد في لبنان و إسرائيل . أصل الأكراد : يحتمل أن أجداد (أسلاف ) الأكراد سكنوا أثناء الحركة (الهجرة) الثانية الكبيرة للآريين الهندوجرمانيين في حدود الألفين سنة قبل التاريخ الميلادي في منطقة غرب إيران التي أطلق عليها فيما بعد كردستان . يتكون الشعب الكردي من عدة شعوب وقبائل ، وان ثقافتهم و لغتهم و أساطيرهم متأصلة بالثقافة الإيرانية . توجد ثلاث نظريات حول منشأ و أصل الأكراد مع مراعاة إختلاط الشعوب الذي حصل طيلة هذه الفترة الزمنية. 1 - أسس أجداد الهوريين (الحوريين ) مملكة ميتاني Mittaniسنة 1500 قبل الميلاد تقريبا ، أطلق عليها الإسم : خورّي أو كوري Churri وتبعا لهذه النظرية ، إشتق منها الإسم الكوردي . إن منطقة إستيطان الهوريين مطابقة بالضبط مع حدود كردستان . 2 - و المنشأ الثاني من الميديين ، حيث اشتقت كلمة كورانج من كور / كورد ومانج لميدي . ومعظم الأكراد يعتبرون أنفسهم من سلالة الميديين . تعززت هذه النظرية من خلال الكلمة الميدية تورد / كورد و التي تعني " قوي " . يجد المرء هذه الصيغة في الكورمانجية ، إحدى اللهجات الكوردية ، على أن الترجمة الميدية تكون " ميدي قوي " . 3 - أما النظرية الثالثة فإنهم من أصل الإسكيتيين Skythen . يذكر كسونوفون Xenophon ( الإغريقي الفيلسوف و المؤرخ المولود في أثينا عام 444 قبل الميلاد ، وهو أحد تلاميذ سقراط – المترجم ) في كتابه عن حملته العسكرية من البحر إلى الأراضي الآسيوية المرتفعة الذي أصبح فيما بعد عملا تاريخيا بعنوان الرقي أو الصعود Anabasis ، المجلد الثالث صفحة 5 ، 15 ، أن أصلهم من الكاردوخيين Karduschen . إلا أن معظم المؤرخين و علماء الآثار يشكون عن صحة هذه المعلومات القائلة أن أغلب الإسكيتيين سكنوا في المنطقة التي ظهر فيها الشعب الكردي ، لأن وطن (بلاد) الإسكيتيين كان في كازاغستان و في جنوب روسيا و أوكرانيا . فلم تثبت صحة هذه النظريات علميا . أن الإسم الجغرافي لكردستان ظهر للمرة الأولى في المراجع و المصادر العربية و السلجوقية . تاريخ الأكراد فجر التاريخ : فمن وجهة نظر الأكراد ، كان العصر المزدهر لهم في القرن السابع قبل الميلاد في مملكة الميديين .و في القرن الثاني عشر أسس صلاح الدين من قبيلة هدباني ، الدولة الأيوبية في سوريا . أمتدت هذه الدولة إلى شرق و غرب كردستان و خراسان و مصر و اليمن . ولم تكن الدولة الأيوبية مملكة كردية بأي حال من الأحوال ، حيث كان معظم سكانها عربا و شعوبا أخرى . إنها كانت دولة إسلامية ، لأن سكانها كانوا يطلقون على أنفسهم مسلمين ، و ليس كعرب و أكراد . القرون الوسطى ( العصر الوسيط) : إن المعركة في سنة 1514 م عند مدينة چالديران Caldiran بالقرب من فان Van بين العثمانيين و الصفويين كانت نقطة تحول كبيرة ، حيث خضع شاه إسماعيل الأول تحت تحت حكم (إمرة ) السلطان يافوز سليم ألأول Yavuz Selim I. . وبعد ذلك أصبحت كل منطقة شرق الأناضول تحت سلطة العثمانيين . وفي غزوته على شرق تركيا قتل السلطان عند مدينة سيواس Sivas أربعين ألفا من العلويين الذين أغلبهم يشكلون مجموعات تركية و كردية ( أغلبيتهم من الأتراك ) إحتمالا لمنعهم من العمل مع الصفويين . وفي سنة 1596 ألف شرف خان Serefhan أمير منطقة بيدلس (بيتلس ) Bitlis وابن إدريس البتليسي سفرا تاريخيا بخط رائع عن تاريخ الأكراد من ملاطيا (ملاتيا ) Malatya إلى بحيرة أُومرية Umriasee . إن صحة تواريخ الأحداث لهذا السفر التاريخي يشك فيها . القرن العشرين : تميز الوعي الكردي قبل الحرب العالمية الأولى بالإنتماء إلى القبائل من ناحية و من خلال المذهب السني من ناحية أخرى . كما تأثر الأكراد بأفكار الأوروبيين و تطور شعورهم القومي الذاتي . ومن خلال قوات الحلفاء المنتصرة التي وعدتهم بادئ الأمر بإنشاء دولة كردية مستقلة ( كردستان ) . غير أن منطقة إستيطانهم وزعت ( قسمت ) على خمسة أقاليم لدول مختلفة التي منحتهم حقوق سياسية قليلة واعترفت بهم بأنهم أقليات صغيرة . وفي تركيا قذفوهم و نعتوهم (أي أطلقوا عليهم إسما مخلا بالشرف - ألمترجم) بأتراك الجبل ، و لم يسمحوا لهم بإستعمال اللغة الكردية إلى وقت قريب . وبتاريخ 22 / 1 / 1946 تأسست الجمهورية الكردية في شمال غرب إيران ، عاصمتها مهاباد وكان رئيسها القاضي محمد . والإتحاد السوفييتي كان يهدف من خلال تأسيس كردستان و أذربيجان على الأراضي الإيرانية أن يؤثر في المنطقة . وبعد انسحاب السوفييت من إيران تمت إعادة السيطرة على الجمهوريتين من قبل الجيش الإيراني . بعد مرور ثلاثة عشر شهرا تم بتاريخ 31 مايس 1947 إعدام القاضي محمد مع وزراء آخرين في ساحة چار چرا Car Cira Platz التي منها أعلنت الجمهورية الكوردية . تمتع الأكراد بجزء من الإدارة الذاتية (الحكم الذاتي ) و المشاركة بالحكم في العراق في الفترة الواقعة مابين 1970 و لغاية 1974 . وبعد حرب الخليج الثانية 1991 حددت الأمم المتحدة في العراق منطقة آمنة شمال خط عرض 36 درجة للأكراد . وقد شاركت القوات الكردية في حرب الخليج الثالثة عام 2003 مع أمريكا لإحتلال المدن العراقية الشمالية. ومنذ ذلك التاريخ يتمتع الأكراد العراقيون بصفة خاصة كحلفاء لأمريكا . بيد أن هدف الأكراد العراقيين للحصول على حكم ذاتي أكثر إستقلالا و تأثيرا ، يجابه باستنكار و رفض من تركيا ، لأن تركيا تخشى أن يؤثر هذا الحكم الذاتي المستقل على الأكراد في تركيا . السياسة : لقد فشلت الجهود من أجل تأسيس دولة مستقلة لحد الآن ، لأن الأكراد كانوا فيما بينهم متمزقين (أي غير متحدين – المترجم) . وفي مجتمع إقطاعي يكون حق الشيخ أو الرئيس الروحي قبل حق الشعب ، لأن الشعور القومي مفقود (ناقص ) ، ولكن في القرن الأخير جاءت (هبت ) الروح الوطنية إلى كردستان بحيث أن الأكراد تقاربوا و توحدوا . وقد لوحظ من ذلك أن الأكراد أسسوا أحزابا كثيرة التي اتخذت الأحزاب الأوروبية كقدوة لها . وفي مطلع العشرينات في لبنان تأسست منظمة (جمعية ) خويابون Xoybun التي قادت إنتفاضة آرارات . أما الأحزاب الكوردية في تركيا ن هي : حزب المؤتمر الوطني Kongra-Gel ( حزب العمال الكوردستاني السابق PKK ) و المؤتمر الوطني للحريات الديمقراطية Kadek و الحزب الديمقراطي الكوردستاني Komala و حزب الديموقراطي الكوردستاني PDK و حزب الإشتراكي الكوردستاني PSK و اتحاد الوطني الكوردستاني YNK و حزب إتحاد الشعب Hevgirtin Gel و حزب الوحدة Yekiti. ومعظم هذه الأحزاب إتبعت لسنوات طويلة الإرهاب من أجل تحقيق أهدافها (حسب رأي الموسوعة). والأحزاب الكردية المعروفة في سوريا هي حزب البارتي و حزب إتحاد الشعب ( Hevgirtin Gel ) و حزب الوحدة Yekiti . الإنتفاضات و الثورات الكبرى في القرن العشرين : 1 - 1930 : إنتفاضة (ثورة ) آرارات الأولى بقيادة منظمة خويا بون Xoybun . 2 - 1961 – 1070 : إنتفاضة ( ثورة ) البارازاني الخالد في العراق . 3 - 1967 – 1968 : إنتفاضة ( ثورة ) الحزب الديمقراطي كردستان إيران ( DPK-I ). 4 - 1984 – 1999 : الكفاح المسلح لحزب العمال الكردستاني PKK في تركيا . الديانة : إن أكثر الأكراد يدينون بالمذهب السني 75% ، و حوالي 20 % يدينون بالمذهب الشيعي , إضافة ذلك يوجد علويون و يزيديون (أيزيدية ) في تركيا . الثقافة : يوجد أدب شعبي غزير باللغة الكردية . نذكر على سبيل المثال ملحمة قصة حب غرامية بعنوان مم Mem و زين Zin التي نظمها الشاعر أحمد خانه Ahmede Xane . والشاعر من مدينة ماردين جگر خون Cigerxwin شيخ موس حسن ( Sexmus Hassan ) الذي عاش في الفترة الواقعة ما بين 1903 و 1984 كتب للمجلات ، مثل حوار ( الحوار ) . وقد درس الماركسية الليلينية وخلف وراءه ثماني مجاميع شعرية ( دواوين شعرية ) ، وفي عام 1935 صدرت أول رواية (قصة) باللغة الكردية بعنوان الراعي الكوردي "Schivane Kurd " من تأليف عرب شمو Ereb Schemo . يحتفل الأكراد في يوم 21 آذار بعيد نوروز الكوردي ، عيد السنة الجديدة إستنادا إلى العيد الإيراني. اللغة : اللغة الكوردية هي لغة هندو أوروبية ، و حولها تدور مناقشات . وبصورة عامة يتفق علماء اللغة على أن اللغة الكوردية من احد فروع اللغة في غرب إيران تعود إلى عائلة اللغات الهندو أوروبية . و بسبب فقدان الوحدة السياسية و الثقافية فإنه لا يوجد مرجع لغوي محدد . و اللهجات الرئيسية للغة الكوردية هي كورمانجية و سورانية . 1 - الكورمانجية ( يتحدث بها حوالي 15 مليون نسمة ) الكوردية الشمالية ( بالحروف اللاتينية ) . يتحدث بالكورمانجية أكراد تركيا و سوريا والإتحاد السوفييتي السابق . اللهجة الكورمانجية منتشرة في إيران و العراق ، وهي تمر بمرحلة البناء اللغوي . 2 - السورانية ( حوالي ستة ملايين نسمة يتحدثون بها ) – ( وهذه اللغة الدارجة قريبة من اللهجة الجورانية Gorani الإيرانية ) . 3 - زازاكي Zazaki أو زازا Zaza / ديملي Dimili ( يتحدث بها حوالي أربعة ملايين نسمة ) – ( وهذه اللغة الدارجة أيضا قريبة من اللهجة الجورانية الإيرانية) . 4 - الجورانية Gorani يتحدث بها أكراد إيران . يبدو أنها قريبة على الإنقراض ( الموت ) . وعما إذا كانت اللهجة اللورية Lurische تعود للغة الكوردية ، فهذا موضع جدل و نقاش حاد . وعلى العموم توجد لهجات عامية كثيرة تختلف من منطقة إلى منطقة أو من قبيلة إلى قبيلة . وهذه اللهجات تجعل اللغة الكردية بلا شك من إحدى اللغات الغنية . في عام 1982 منع إستعمال اللغات و اللهجات الكردية بموجب الدستور التركي . ونتيجة للضغوط التي مارستها دول المجموعة الأوروبية على تركيا بسبب سير مفاوضات دخول تركيا إلى البيت الأوروبي ، فإن قرار منع إستعمال اللغات و اللهجات الكوردية قد رفع منذ شهر آب 2002 . الأحداث في ألمانيا : قتل في يوم 17 سبتمبر عام 1992 رميا بالرصاص من قبل المخابرات الإيرانية أربعة أعضاء من الحزب الديمقراطي الكردستاني : الدكتور صادق شرف قندي ، فتاح عبدولي ، و هومايون أردلان و نوري ده كوردي في مطعم برلين ميكونوس Berliner Restaurant Mykonos بمنطقة شالوتنبورغ – فيلمرسدورف Charlottenburg-Wilmersdorf

حول تاريخ الكورد





ماذا تعني كلمة كرد  :-
تقول الاتيمولوجيا:التي تبحث في أصل الكلمة إذا اعتبرناها نجد أن بعض الكلمات هي أقرب ما تكون إلى الخيال( فاستناداً للكلمة كرد)أي بطل أو شجاع بالفارسية فالأكراد يمكن أن يكونوا أبطالاً أو ذئاباً من الكلمة الفارسية أي ذئب ويقول العالم السوفييتي السيد مار أن كلمة كرد وكلمة كورت الأرمنية هي واحدة.
*من الناحية التاريخية: يقول المؤرخ الانتوغرافية (ب-ليرخ )هم أحفاد أولئك الخالدين الإيرانيين المحاربين الأشداء الذين كانوا من سكان الجبال ويتمتعون بروح قتالية عالية، قد نزلوا منذ الألف الثالث قبل الميلاد إلى سهل دجلة والفرات واخضعوا لحكمهم هنا القبائل السامية الضعيفة في بابل بعد أن رفضوا هذه الدولة التي بلغت درجة معينة من الحضارة لقد ساعدت أجيال الخالدين الشماليين التي بسطت سلطتها سواء على باب ام آشور على تطور الدولة الآشورية.
*يقول المؤرخ التاريخي هيرودوتس في القرن الخامس عشر:أن المقاطعة الثالثة عشر من إمبراطورية الاخمينين الفارسية ضمنت إلى جانب الأرض منطقة باتيوكي التي تحاكي بوطان اليوم، وتقوم شرقي هذه المنطقة بلاد الكادروس أو الكاردوفوي.
*يقول المؤرخ اليوناني زنيفون واحد تلامذة سقراط عاش عام (355- 430 ) ق.م في فترة (400 –41 ق م )عن الانسحاب المشهور لعشرة الآلاف يوناني عبروا كردستان الحالية إلى البحر الأسود لم يكونوا غير الأسلاف الحقيقيين للكرد أنهم كانوا جبليين أشداء ومن ذلك الحين أطلق اسم مشتق من ذلك الأصل الكرد على المنطقة الواقعة على يسار منطقة الدجلة بالقرب من جبل الجودي، باسم مقاطعة كوريين وقد دعاها الآراميون بيركاردو ومدينة حزينة (جازارتكا كاردو)بينما يطلق الأرمن على المنطقة نفسها اسم كوردوخ.
*يقول العالم هنري فيلد:أن الأكراد مجموعة من العروق المختلفة الأرمني و البلقاني وحوض البحر الأبيض المتوسط والأناضولي والألبي نسبة لجبال الألب ولا ينحدرون من أصل واحد صاف جميعاً.
*يقول البروفيسور(لهمان هوبت)، يمكن ان يكون الكاردوك هم أجداد الجورجيين.
*يقول العلامة مار ومدرسته بالجافتيك.
حول أصل الكاردوخ (الكرد)مع الكارت الجورجيين وانفصالهم فيما بعد في عصر مغرق في القدم.
بعض الكتاب الروس يقول مثل مينودسكي نيكتين وفليشفكي تبعاً للدراسات واستناداً لبعض البحوث العملية الأخرى والتي تقول بأن أصل الأكراد جاء من عدة فروع وانصهر بعضها مع بعض بفعل مرور الزمن أو بتأثير العوامل التاريخية ونمط حياتهم الاجتماعية التي جعلت لهذا الشعب طابعاً مميزاً وواضحاً ومن جهة أخرى يقول مينورسكي أن الأمة الكردية قد تكونت من مزيج من قبيلتين متجانستين هما الماردوني والكيرتيوبي اللتين كانتا تتحدثان بلهجات حيوية متقاربة جداً ومن جهة أخرى أن لدى توجهها صوب الغرب انضمت إليها عناصر من سلالات أخرى.
يقول مارك سايكس في كتابه ارمينيا يمكننا القول أن الفرس الحاليين والكرد والأرمن و حتى بعض الأتراك هم الحفدة المتبقون لشعوب هذه الممالك القديمة.
* في سياق البحث عن أصل الأكراد تعترض سبيلنا نظريتان :-
*النظرية الأولى:نظرية السيد (ميورسكي)الذي يؤكد فارسيتهم أي الأصل الهندو- أوروبي، ويعتقد بأنهم تحركوا في القرن السابع عشر قبل الميلاد (المسيح)من منطقة بحيرة اورومية نحو بوطان ويؤكد عن اللغة والبراهين التاريخية والتي بموجبها قرر أن يضيف الأكراد مع الشعب الإيراني فإنه يأخذ في حسابه أصول السلالات المعقدة التي لم يندمجوا بها.
*النظرية الثانية:-يقول الأكاديمي السوفييتي مار الذي يؤكد طبائع الرد الأصلية تأثرت بالأقوام الآسيوية الأخرى كالكلدانيين القفقاسيين والأرمن.
يقول مينورسكي: في بحثه عن الرد في دائرة المعارف الإسلامي:ويلاحظ أن بعض الرحالة الأرمن في القرن التاسع عشر ذكروا أن رؤساء بعض العشائر الكردية ذكروا لهم سراً أنهم يرجعون إلى أصول أرمينية وهذا لا يشمل الأرمن الذين يتحدثون باللغة الكردية وما زالوا يدينون للكنيسة الأرمني لأن هؤلاء لا يخفون أبداً انتمائهم الأرميني. *هناك مؤلف من أصل كردي لا يذكر اسمه يقول أنه الكرد ينتمون للعرق نفسه الذي ينتمي إليه الترك.
*رأي الكرد أنفسهم حول أصلهم:
يقول السيد محمد علي عوني أن إثبات الأصل الهندو-أوروبي لشعبه مستنداً إلى أدلة وبراهين لغوية ويقول نفس الكلام مؤرخ آخر كردي في كتابه اسمه (خونجة ) ي.ب.اي (براعم الربيع ) .
و هناك أسطورة ارمينية تقول أن الكرد لم يظهروا إلا في القرن العاشر وبعد تزعزع سيطرة العرب في القرن العاشر وازدياد عدد الأمراء في مختلف البلدان هاجر السيتيون الذين كانوا يقطنون ن الجانب الآخر من بحر قزوين والذين كانوا يدعون بالأتراك هاجروا بصورة جماعة إلى فارس وميديا وانتشروا فيها و غيروا معتقداتهم وصاروا فرساً وميدييين ديناً و لغة، وقد تجمع العديد منهم حول أمراء ميديين و غزوا أرمينيا في المناطق المحاذية للكاردوخ و الملوك واستولوا عليها ثم استقروا فيها و امتزج بهم الكثير من المسيحيين بالتدريج واعتنقوا دينهم.
*وخلاصة القول أننا إزاء أصل الكرد أمام نظريتين.
1 - النظرية الأولى:-
هم من أصول إيرانية هندو-أوروبية وقد ارتحلوا في القرن السابع ق.م منطقة بحيرة أوروبية صوب منطقة بوهتان.
2 -  النظرية الثانية:-
تقول إنهم شعب أصيل مع وجود صلة قرابة بينهم وبين الشعوب الآسيوية القديمة الأخرى كالكلدانيين والجورجيين والأرمن وكانوا يتكلمون سابقاً بلغتهم ثم استبدلوها بلغة إيرانية خاصة.
فقد ظهر الكرد على جوانب الروافد ليسري لنهر دجلة حوالي القرن السادس ق.م وبذلك فقد تجاوروا خلال حقبة طويلة من الزمن مع الكاردومينيين الذين استشهد باسمهم زنيفون سنة 401- 400 ق.م .
الدلائل المستقاة من علم السلالات البشرية الانتروبولوجيا حديثاً تقول: تمييزاً بين الكرد الذين يسكنون شرقي كردستان والذين يسكنون غربي كردستان أن الكرد الشرقيون الذين صوروا من قبل (ستولز)يتميزون بسمرة بشرتهم وشكل جمجمتهم من نوع يشبهون في ذلك الفرس الذين يجاورونهم وهذا بخلاف الكرد الغربيين الذين درسهم بعناية (فون لوسشان) من وجهة النظر الانتروبولوجية في مناطق كومازين (قرب قرة قوج)في نحرو دراع وفي زنجيرلي وقد بين أن بينهم نسبة كبيرة من هم شقر اللون والشعر وشكل جمجمتهم من نوع dalichocephales يتوصل إلى الاستنتاج التالي، كان الكرد في الأصل شعباً أشقر اللون أزرق العينين ونوع جمجمتهم من صنف brachycephales بتزاوجهم مع الترك والأرمن والفرس.
ويفترض فون لوستشان أن الكرد الأولين أي اللون الأشقر، نزحوا من شمال أوروبا دون أن يدعي بالضرورة كونهم من العناصر الجرمانية ويحتمل أن هذا الطراز من الإنسان الشمالي قد جاء إلى آسيا القديمة دون أن يتكلم اللغة الكردية وأن هذه اللغة فرضت عليه نتيجة اختلاطه بالعنصر الإيراني بعد إخضاعه له.
*وكما يتمسك العلماء من أمثال ميخائيلس وشلومتر حول الرأي الأصل الإيراني للخالدين.
حياة الاكراد:
عاش الأكراد في الجبال الواقعة بين ارمينيا وبلاد ما بين النهرين وعاشوا بصورة مستقلة منقسمين إلى قبائل لم تكن روح الوحدة الشعبية على جانب كبير من القوة و التماسك بينهم وانتشر الأكراد خلال قرون على جزء كبير من آسيا الغربية، ففي الشمال امتدت أراضيهم إلى أعالي الفرات وحتى أراكس، ويعيشون في الأراضي الروسية في إقليم يريفان وفي قرة باغ، وفي الغرب امتدت أراضيهم حتى انغورا إلى الشمال الشرقي من بحيرة الملح الكبيرة، ووصلت جحافلهم قبل سنوات عديدة إلى القسطنطينية وعددهم غير قليل في ميسويرتايا، بلاد ما بين النهرين وفي سوريا أكثر بالتحديد حول مدينة حلب، وفي الغرب انتشر الأكراد في الأراضي الممتدة من بحيرة ارمينيا وحتى الخليج وأخيراً فهم يعيشون في خراسان ويعيش الأكراد حياة الرحل سوى قلة فهم يصعدون في الأوقات الدافئة من السنة إلى المروج والمراعي الغنية الواقعة في قمم جبالهم وفي المرتفعات يعودون في الشتاء إلى بيوتهم وأحياناً يطردون المسيحيين من دورهم في ارمينيا دافعين لقاء ذلك إتاوة صغيرة لمختار القرية أو المسؤول المحلي، وسمي المكان الذي يقيم الأكراد فيه أيام الشتاء (كيشلياخ)في تركيا وفارس وروسيا أو سرحد أما الترحال فيسمى (بابلياغ)ويبسط الأكراد خيامهم (قرة مادر)المنسوجة من شعر الماعز الأسود على شكل صفوف طويلة أما قرى الأكراد فهي عبارة عن بيوت بدائية فهي ببساطة مساكن صغيرة محفورة في الأرض تختفي تحت الثلوج وتبدو للناظر من بعيد على شكل تلال صغيرة وفي القرى الكردية، المآذن نادرة جداً شأنها في ذلك شأن المساجد في المدن التي يسكنها الأكراد وهم ماهرون في شق الاقنية لري الأراضي ويعشقون العمل إلا أن الزراعة عندهم تأتي في المرتبة الثانية فهم يقومون بزراعة القمح، الذرة، الشعير، الأرز وتمتاز بأشجار الكرمة ومزارع الزيتون وبساتين الفاكهة وكما ينتجون التبغ إلا أن ثروة الأكراد الرئيسية هي في قطعان الأغنام والماعز والجواميس والأبقار والخيول والجمال وهم يفضلون حليب الضأن على أي حليب ويستهلك الأكراد السمن والجبن بكميات كبيرة وتمد كردستان كلاً من القسطنطينية ودمشق و حلب وبيروت.
لا يمارس الأكراد الحرف بصورة استثنائية لكنهم في ساعات الفراغ يقومون بصناعة بعض الأدوات حيث يدفعون لقاء ذلك من مشتريات حاجياتهم مقابل ذلك من الصوف أو زيت الكزوان الذي يؤلف فرعاً صناعياً هاماً في كردستان ونذكر أن من بين أعمال الأكراد الفنية الأجواخ والسماد والأواني الفخارية رغم أن معظم الأكراد يعترفون ا بالسلطة العليا لدولة من الدول الكبرى الفارسية والتركية والروسية إلا أن هذه التبعية لا وجود لها عملياً لدى عدد كبير من العشائر الكردية القاطنة في الأراضي التركية والفارسية كما لوحظ من خلال الأبحاث والدراسات لم يكن الأكراد شعباً متحداً على مسرح التاريخ أسوة بشعوب آسيا الرحل مثل المغول.
صفات الاكراد:
تصف الكردي بالقامة الطويلة ورشاقة القوام وله بنية جسدية قوية رأسه بيضوي يستند إلى عنق قصير والجبهة عريضة والشعر أسود والأنف طويل والعيون سوداء والبشرة سمراء فهم أقوياء البنيان وتتصف نساء عدد كبير من العشائر الكردية بالجمال، فإن المرأة تنقصها النعومة في ملامح الوجه، وأحياناً تقوم النساء من الأوساط الشعبية بتشويه وجوههن بوضع حلقات في خياشمهن بل ومن خلال شفاههن كتب يقول المؤرخ أبو فيان ( يمتازوا الرجال بالاستقامة والروح القتالية والإخلاص الذي لا حدود له لأمرائهم بالوفاء والوعد وحسن الضيافة والثأر بالدم والعداوات العشائرية حتى بين الأقارب والولع بالسلب والنهب و الاحترام الذي لا حد له للمرأة، ولا تعتبر أعمال السلب والقرصنة جرائم لدى الأكراد بل على العكس فإن ذلك حسب مفاهيم يليق تماماً بالرجل الشجاع الكردي صياد حاذق جداً بفطرته لأن الجبال ملأى بالوحوش والدببة والذئاب والخنازير البرية وعادة يتناول الأكراد شرب الخمر بإفراط في المناسبات الدينية التي ما تزال تنسب إلى الكرد اليزديين والكرد القزلباش في منطقة درسيم.
*مكانة المرأة الكردية:-
يعتبر الكرد من أكثر الشعوب الإسلامية تفتحاً في الموقف من المرأة والمرأة الكردية تتمتع بحرية أوسع مما هي لدى الشعوب الأخرى والمرأة الكردية تقوم بجميع الأشغال الشاقة المنزلية فهن يحملن الدواب وينزلن عنها الأحمال ويحملن الماء ويصعدن إلى مواقع رعي القطعان لحلبها، كما يقمن بجمع الحطب والمحروقات الأخرى وينقلنها إلى المنازل للتدفئة والطبخ ويعلقن أطفالهن على ظهورهن بواسطة أحزمة طويلة وبهذه الأعمال يكسبن قوة جسمانية كبيرة فإنهن يفقدون أنوثتهن ويذبلن بسرعة والمرأة الكردية تجيد الفروسية بل ويتحدين الرجال في امتطاء الخيل ولا يخشين تسلق الجبال الوعرة ويبدين مهارة فائقة وتعمل في الحقل وتقوم بتربية الأطفال وحياكة الثياب وصناعة السجاد والمرأة الكردية تحب العمل وعادة الرجال لا يتزوجون أكثر من واحدة ويعتبر الزواج عند الأكراد اتحاداً لا ينفصم عراه، والرجل يثق بالزوجة ثقة تامة، وبإخلاص المرأة، لا تضع النساء الكرديات الحجاب على وجوههن ويختلطن بالرجال عند عقد الاجتماعات ولهن الكلمة التي يستمع إليها رجالهن والمرأة الكردية تستطيع أن تستقبل الضيف في غياب زوجها، ويتم التعارف بين الفتيان والفتيات بصورة جيدة ويسبق الزواج عادة حب متبادل بين الفتى والفتاة ذلك أن المشاعر الرومانسية مسيطرة على قلوب الأكراد، ثمن الزواج ما يسمى بالكردية (شير بابي) أي (ثمن الحليب)و هو مقدار من النقود أو المواد العينية يقدمها الخاطب إلى ولي أمر الفتاة التي يخطبها لقاء موافقته تزويجها منه على أساس ان ولي أمر الفتاة أنفق على إعاشتها وتربيتها من ماله الخاص من زوجها المقبل، وها هو الزوج يرد له الدين الذي له بذمة الفتاة، وهو غير المهر الشرعي الذي يعقد النكاح عليه ويعتبر من وجهة نظر الدين الإسلامي ملكاً للزوجة، الطلاق سهل لدى الكرد فكثيراً ما يحصل أن يحتدم النقاش فيما بينهم فإذا بهم يقسمون بالطلاق.
الدين لدى الاكراد:
تعتنق غالبية الأكراد الدين الإسلامي و هم من أتباع المذهب الشافعي كما يوجد عدد من العشائر الكردي من أتباع المذهب الشيعي (وعموماً لا يتمسك الأكراد بتعاليم الدين كثيراً، ومنهم لا يؤمنون بحتمية القدر)ولا يتخذون الحيطة والحذر من وباء الطاعون كما لا يجدون إثماً في تعاطي المشروبات الروحية، ويعامل الأكراد النساء بحرية تامة ويقول الأتراك، أن الأكراد أشبه بالأوروبيين في نواحي كثيرة.
ينتمي قسم كبير من الأكراد المسيحيين إلى طائفة النساطرة، وهم أي النساطرة يعتبرون أنفسهم أحفاد بني إسرائيل ويؤكد بيركينس، على أن النساطرة الذين يعيشون في الجبال يشبهون جيرانهم الأكراد من حيث نمط الحياة وطباعهم الجموحة والقاسية وأن اللغة السيريانية الجديدة التي يتحدثون بها قد دخلت إليها كلمات كردية في منطقتي هكاري، وتياري تختلف اختلافاً شديداً عن اللغة السريانية القديمة التي دونت بها كتبهم المقدسية ويوجد بين اليعاقبة القاطنين في جبل الطور و حول بدليس عدد كبير من أصل كردي فهم يرتدون الزي الكردي ويتحدثون اللغة الكردية.
اللغة الكردية:
تنتمي اللغة الكردية إلى الأسرة الهندية الأوروبية ولها لهجتان رئيسيتان ويتحدث بالكرمانجية معظم أكراد تركيا والجزء الشمالي من كردستان العراق أما السودانية أو الموكريانية فيتحدث بها عدد أقل إلا أنها أكثر أهمية في الواقع لأنها المستعملة غالباً في الأدب ويتحدث بها أهالي السليمانية إلى كردستان الإيرانية ومهاباد المركزين الرئيسيين للنزعة القومية الكردية و هناك لهجة ثالثة (الزوزا) تستعمل مناطق محدودة جداً، ليس للكردية حروف خاصة بها خضعت اللغة الكردية لتغيرات أساسية وتحولت من أصلها الجافيتي القريب من اللغتين الجورجية والكالدية إلى حالتها الهندو – أوروبية التي تربط اللهجة الكردية باللغات الإيرانية ولغات ارمينيا وحتى بالعناصر الهندو-أوروبية للغات الحثيين ومنذ العهد الإقطاعي في كردستان تأثرت اللغة الكردية باللغة التركية وبذلك يمكننا القول أن اللغة الكردية لم يبرز خصائصها الهندو – أوروبية إلا بعد مراحل التطور.
بعض الكلمات في اللغة الكردية الحالية تعد من بقايا اللغة الكردية القديمة التي هي من مجموعة كارت من فروع الجافتيك فعلى سبيل المثال أن الكلمة الكردية (باف- اوبام) أي الأب مرادفة لكلمة (ماها – الكرتيه ) إن الكلمات كارد وكورد هي في الأصل نفسه مع كورت.
*يقول المبشر هورنيلة عن اللهجة الكردية:- وهي أن كل عشيرة تتحدث بلهجة خاصة بها، وهي أن لمعظم اللهجات الكردية أصل واحد وأن العشائر تفهم بعضها البعض وقد كونت الدراسات المقارنة المختلفة اعتقاداً لدينا حول أن جذور اللغة الكردية لها أصل فارسي ( لها أصول فارسية) ومتناسقة مع الفارسية و لذلك ينسجم النظام الداخلي للغة الكردية مع النظام الداخلي للغة كما أن قواعد الاشتقاق في اللغة الفارسية موجودة لها ودون استثناء تقريباً في اللغة الكردية وثمة لهجتان رئيسيتان في اللغة الكردية هما اللهجة الجنوبية واللهجة الشمالية وتنقسم كل واحدة منها إلى فروع وكل فرع إلى فروع جديدة أخرى، وتنتمي اللهجة الشمالية إلى فروع عشائر مكري وهكاري وشكاك ولهجة اليزيديين في جبل سنجار واللهجة الكردية الجنوبية في أرومة وتنتمي إليها الفروع التالية ليكي وكورمانجي كلهور، كوراني واللوري وتسكن العشائر التي تتحدث هذه اللهجة في أودية جبال زاغروس ويخضع قسم من هذه العشائر لحكم إيران أو تركيا ومن هنا يبدو أن اللهجتين مختلفتين اختلافاً شديداً. *يقول العالم ريوديغير يتبين من الدراسات التي أجراها أن اللغة الكردية تنتمي إلى مجموعة اللغات الإيرانية وهذا ما يبدو على نظامها الصرفي ومن قسم كبير من الكلمات كما أن لها صلة قربى باللغة الفارسية المعاصرة فمن ناحية كان للغتين الفارسية والكردية مصير مشترك واحد ومع انتشار الإسلام في المناطق الكردية والفارسي دخلت كلمات عربية إلى اللغتين الفارسية والكردية والتي تستخدم كثيراً خاصة في الاتحاد مع الأفعال الطبيعية المساعدة مثل عمل، أعطى، فعل الكون.
*جغرافية كردستان:-
يقول المؤلف توماس بوا، عن جغرافية كردستان :- تمتد من جبال زاغروس جنوب غرب إيران وتمتد من فارس جنوباً وحتى كرمنشاه وهمدان شمالاً وجبال طوروس جنوب تركيا تمتد من قيصرية ونهري سيمان وجيحان شرقاً وحتى انطاليا غرباً وبين زاغروس وطوروس غرباً تقع سلسلة جبال كردستان شمال غرب إيران وشمال العراق.
*المعنى الحرفي لكلمة كردستان (هو بلاد الأكراد) :-
وقد استخدمت الكلمة لأول مرة (من قبل السلطان سنجار في القرن الثاني عشر عندما أسس مقاطعة كبيرة بهذا الاسم إلا أنها تمتد عبر خمسة أقطار: إيران تركيا، العراق، سوريا، الاتحاد السوفييتي، و كردستان مجمع من شعاب جبلية عالية ووعرة تتراوح من (6000 قدم في تركيا إلى 14000 قدم من إيران) و في كردستان العراق ترتفع الشعاب الجبلية الكلسية لجبال زاغروس إلى 10000 قدم وتمتد كردستان العراق عبر ثلاث محافظات هي راهوك و اربيل والسليمانية و أنشأ سنجار قلعة صيفة ( بهار) التي تقع شمال غربي همذان جبال زاغروس وولايات شهر زور وسنجار غربي هذه السلسلة وحتى القرن الثاني عشر لم تكن هذه المقاطعات تعرف إلا تحت عنوان ( جبل الجزيرة ) أو ديار بكر.
*تاريخ الكرد وكردستان:-
ألف السيد محمد أمين زكي الوزير العراقي السابق كتاب باللغة الكردية عام 1931 من جزئين وقام بنقله إلى اللغة العربية الأستاذ محمد علي عوني عام 1936 ويعتبر أول كتاب علمي حول تاريخ الأكراد يكتب باللغة الكردية.
* وقسم المؤلف الجزء الأول: -
حول موقع المنطقة الكردية والتي كانت عبارة عن خوزستان، الجبال، العراق، أرمينية، آران، أذربيجان، وان لفظ كردستان قد أطلق من قبل السلاجقة على المناطق الواقعة بين ايالتي أذربيجان ولورستان وكرفشاه أردلان وصاوجيلا والجنوب الشرقي من ولاية أذربيجان وكذلك توجد بعض القبائل الكردية المقيمة في طهران وخراسان وهمدان ومازندران و فارس والمنطقة الواقعة بين قزوين وجيلان.
*الفصل الثاني: يتطرق إلى منشأ الكرد ويأخذ برأي المستشرق ولادمير مينورسكي، الذي يرى أن الشعب الكردي قد هاجر في الأصل من شرق إيران إلى كردستان الحالية واستوطن في هذه المنطقة منذ فجر التاريخ واختلط بالأقوام القاطنة في هذه الأراضي وصاروا أمة واحدة على مدى الأيام.
الرأي الثاني: يقول المستشرق (سيدني سميث) أن كردستان كانت تسكنه في فجر التاريخ، شعوب جبال زاغروس بينما يقيم الشعب العيلامي في أقصى الشرق الجنوبي منه وقد أبدت شعوب زاغروس نشاطاً سياسياً كبيراً في عهد كل من السومريين والأكاديين وفي أوائل عهد الآشوريين ويبدو أن سيول مهاجرات العنصر الآري (هندو-اوروبي) إلى جبال زاغروس أولاً والى شرقيها وغربيها أخيراً قد أوقعت بقايا السكان الأصليين لمنطقة جبال زاغروس وبلاد كردستان تحت سلطان هؤلاء الوافدين فجعلتهم آريين وعلى هذا فإن ثمة علاقات وثيقة بين أصول الأكراد ومنشئها الأول وبين مجموعة شعوب زاغروس المكونة من شعوب لولو، جوتي، كاسي، خالدي، والسوبارو.
*أما الفصل الثالث: فيذكر الكاتب بداية نبذة حول الشعوب الكردية وأوضاعهم السياسية من الميديين حتى عصر الإسلام ويذكر أن الشعب الكردي قد اعتنق الديانة الزرادشقية عندما كان لها الذيوع في فارس وميديه قبل الميلاد بستة قرون ورغم نشاط الدعوة للدين المسيحي في ارمينيا منذ عام 33 م إلا أنه لم يلق نجاحاً كبيراً بين الأكراد ومع ظهور الإسلام واتصال الكرد بالمسلمين الأولين وجدوا أن مبادئ هذا الدين تتفق وسجاياهم فأقبلوا عليه عن طيب خاطر.
ويفصل المؤلف الحديث حول كيفية اتصال الشعب الكردي بالجيوش الإسلامية بداية عام 16 هـ وفتح مدينة تكريت (بقيادة سعد بن أبي وقاص) ومن بعدها نصبين و الرها ومادرين و ديار بكر، وارمينيا وشهرزور مشيراً إلى اشتراك الكرد مع الفرس في الدفاع عن الأهواز وبسا، دار ايجود ضد الجيوش الإسلامية والثورات القلاقل التي قام بها الكرد في الأهواز وفارس وكردستان وهمدان والموصل وأصفهان وفارس حتى تم تأسيس أول حكومة كردية عام (340هـ -951م ) في شمال أذربيجان والجنوب الغربي للقوقاز ودامت حتى عام (595-1164 م ) كما تم تشكيل الحكومة الكردية الثانية عام (1348 – 959 م ) في بلاد الجبال و دامت حتى عام 406هـ - 1015 م.
ويذكر عن الكرد في عهد الإغارات التركية وهزيمة جيوش الغزنويين المكون أكثر من الكرد أمام طلائع السلاجقة من الغز الذين أغاروا على البلاد الغربية عام( 430هـ- 1029 م) ، وتأسيس الحكومات الكردية في تبرير وفارس والمواجهات التي كانت بين جيوش الغزو والقبائل الكردية في نصيبن وديار بكر والموصل وخضوع جميع البلاد الأرمنية وكردستان تدريجياً إلى حكم ألب ارسلان السلجوقي.