23‏/01‏/2012

من الشعر الكردي الحديث

من الشعر الكردي الحديث
بقلم: جوان نبي ترجمة : أمير الحسين


(في إثري)
المدن التي لم تكن تستحقّ
أن أموت فيها،
ما أكثرها!
لا، لم تكن تستحقّ
أن أرتدي فيها ظلي.
لذا
وفيما متخاصمٌ والأفقَ
أتنكّبُ حقائبَ
صدئت أقفالُها..
أمضي
كم أنا اسمُ الجهات،
صياحٌ أنا
أمضي والدروبُ كلُّها خطاي
ثمة ريحٌ
لا عِنانَ لها، فضلاً عن عَماها
إنها أبي القاسي.
أمضي
ولا أحد معي سواي
لا أحد سواي يسألني عني
وحدي، أنا، أُنهِكُني بي
قضاءً أُمضي الغدَ معي
وخلفي أتركها ـ المدنَ المختنقةَ في قلوبها
والتي هي مرايا مهشَّمة
بالله عليك
كيف سأتعلّم الموتَ فيها
أو فيها أمدُّ صلاتي
ورائحةَ جوربيّ الـ نَمَتْ صفراءَ اللون؟
نجماً
نجماً
أمضي إلى حلمي، إليّ..
والطمأنينةُ التي أفتدي بها
مترقّبةٌ ونفسي، هناك، قدومي
مترقّبةٌ وقصيدة.
أمضي لأعود.

(أيدي السنونو)
هما وطني _
يداي اللتان فيهما أسقي بقصيدةٍ نفسي،
وأسقيهما بي..
برائحة الأصباحِ
وبحزن مساءِ عاشقٍ ما.
يداي المحلِّقتان والسنونوَ،
يداي الطفلتان،
عليّ أن أظلّ فيهما دُلْبَةً
أو شجرةَ صنوبر،
ونتكاتفَ حين فيضانُ الأنبياء.
يداي
هما نبيّتان
متخاصمتان في سبيل الماء
مع الماء ذاته
فَتَحتا الماءَ باباً
وحلّقتا
يداي اللتان كم اقترفتا
ما جعلني مسمّىً بهما
يداي العائدتان حمامةً
يداي هما أنا،
وقصيدةٌ حافيةٌ
هي يداي البيضاوان
أنا يداي
في معنى التحليق
في آثار السقوط
هكذا هما عِنانُ الأحلام..
تُزْجِيانها صوبَ الغد
ولا تعرفان الدروبَ الضالّةَ
إنهما ليستا الخرابَ المتوحّشَ
كما تقولين.
يداي المبسوطتان أمامكِ،
إنهما قلبي
وحِضني.
أَأقول؟
يداي اللتان
تقولانني.
(أشجار لم تُقرَأ)
الأشجارُ وحفائفُها
تنخلُ جرأتي
وأيضاً رغبتي في الخروج
كيف لي قراءتها
أو الارتعاشُ معها وصولاً إلى أحلامها؟
هكذا..
في نشيجٍ تغتاظُ من الريح
وبظلالها الخائفةِ تُودِعُ في أرجوحةٍ
عينيَّ
وقصيدتي أيضاً
إنها تغنّي الريحَ
مع النافذة المصطفقةِ
وقلقِ أمي على ثيابنا المنشورة للتوّ،
ومع الغبار أيضاً
والغبارُ
دَئِباً يعضُّ يديها ـ القصيدةِ،
يكسرُها مرآةً
للجمال،
لرغبتي في تقشير الأشجار هذي.
الغبارُ ياووو(!!)
ليته لم ينتفض
حينها ما كان من بُدّ
لأضع أمام عيون المَشاهدِ عدساتِها
ولا عدساتِ الكلماتِ..
وبِسلاسةٍ كان في وسعي قراءتها_
هذه الأشجارِ،
حلماً
حلماً.
وعيوني التي هي هَدْهَداتُ الأطفال،
كان في وسعي لملمتُها.
عيوني، التي تجرجرُها الريحُ زَحْفاً،
كانت تخلّفُ الأشجارَ سؤالاً
في قصيدةٍ غبراءَ
الأشجارَ المخلّفةَ السكونَ
بترحال الريح
مُقصقِصةً على جثّة الريح تلك
جدائلَها..
الأشجارَ المزغردةَ بهبوب الريح..
هكذا، أيضاً، أقرؤها.
المصدر: من مجموعته الشعرية الثانية (إلى يسار النعاس - LI ÇEPÎ XULMAŞIYÊ ) إصدار العام 2010م.


قبيل المساء
أموجُ معكَ*

*لستَ بحراً.

(طريق عريضة. نهاراً. أنا وأنتَ)
أنتَ: انظري إلى هذه الزنابق.
الزنابق رمز هذه المدينة.
أنا: لا رمز لهذه المدينة سوى الظلم.
أنتَ: يوماً ما ستُغرمين بها
حينما تجرح يديكِ زنابقُها..
حينما أغدو، أنا أيضاً، مثل الجسر هذا
معلّقاً ما بين عينيكِ.

الضوء ينطفئ.
الستارة تنسدل.


(لون)
الثلج لوني..
لونُ دمي الذي سال
في الحلم.

الثلجُ لونُ أحاسيسي..
لونُ اليد التي توقظ شعري
كلَّ صباح.

الثلجُ
لونُ دمعي في هطوله، خلسةً، على
أناملي.

هو الثلج لوني
حينما تكون موغلاً في البعد.


(نوم)
وردة ما
أفاقت في يدكَ
بعد حقل طويل من الأرق.

(حمامة)
حمامةً كان الثلج
هذا الصباح..
تنقر نافذة قلبي.


(ضيف)
تُراه الشتاءُ ممدّداً بالباب
من التعب..
أم هو يداكَ المثلّجتان؟.


(محطة)
المقاعد
في هذه المحطة
كم تشبهكَ؛
باردةٌ
ووحيدةٌ.

(الفراغ)
قبالتي مقعد*
عليه عينان كعينيكَ.
على الطاولة فنجان قهوة
جليّ، في قعره، لوني الأصفرُ..
وعلى يدي أصابعُ
لها دفءُ أصابعكَ.

*قبالتي مقعد
خالٍ كمثل صحراء.


(أمل)
مسافرة أنا..
خالٍ، في جواري، مقعدُكَ.
لو كنتَ هنا
لأسندتُ رأسي إلى كتفكَ
ولحلمتُ* بأن العمر يغدو
قطاراً.

*أنتَ أيضاً
كنتَ لتحلم
بالمرأة النائمة قبالتنا.


(جسد من خشب)
في جواري مقعد
في جواري جسدٌ يتيمٌ
كم ربيعٍ مضى عليه..
كم أناسٍ جلسوا عليه.

في جواري جسد خشبيّ
حالم بالمسير.
أنا أيضاً أحلم
في جسد خشبيّ.

(ظل)
كنتُ في انتظار فارس..
كنتَ في انتظاري.

الفارس لم يأت..
صرتَ ظلَّ حصان!.

(مكالمة)
مكالمتكَ المتأخرة
تلك الليلةَ
كم أهدتني أحلاماً متأخرة*

*وأرقاً مستديماً.


(الستارة الثالثة)
قبيل المساء
كنت تقول لي:
أضعنا في كل الحروب ألويتنا
وتحت كل الألوية
قتلنا وطناً.
/
(غرفة نصف خالية. ضوء خافت. أنا وأنتَ)
أنتَ: أخشى دنوّاً من حرائقكِ.
أنا: لستَ فراشةً!.

الضوء ينطفئ
الستارة تنسدل

ــــــــــــــــــــــــــ
* من مجموعة: قبيل المساء.

0 كۆمێنت:

إرسال تعليق